فصل: تفسير الآية رقم (20):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (20):

{وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20)}
{نادمين وَيَقُولُ الذين ءامَنُواْ} حرصًا على الجهاد لما فيه من الثواب الجزيل فالمراد بهم المؤمنون الصادقون {لَوْلاَ نُزّلَتْ سُورَةٌ} أي هلا أنزلت سورة يؤمر فيها بالجهاد فلولا تحضيضية، وعن ابن مالك أن {لا} زائدة والتقدير لو أنزلت سورة وليس بشيء.
{فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا القتال} أي بطريق الأمر به، والمراد حكمة مبنية لا تشابه ولا احتمال فيها لوجه آخر سوى وجوب القتال، وفسرها الزمخشري بغير منسوخة الأحكام. وعن قتادة كل سورة فيها القتال فهي محكمة وهو أشد القرآن على المنافقين وهذا أمر استقرأه قتادة من القرآن لا بخصوصية هذه الآية والمتحقق أن آيات القتال غير منسوخة وحكمها باق إلى يوم القيامة. وقيل: محكمة بالحلال والحرام.
وقرئ {نُزّلَتْ} سورة بالبناء للفاعل من نزل الثلاثي المجرد ورفع {سُورَةٌ} على الفاعل.
وقرأ زيد بن علي {نُزّلَتْ} كذلك إلا أنه نصب {سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ}، وخرج ذلك على كون الفاعل ضمير السورة، و{سُوَرٍ مُّحْكَمَةٌ} نصب على الحال. وقرأ هو. وابن عمير {وَذَكَرَ} مبنيًا للفاعل وهو ضميره تعالى: {القتال} بالنصب على أنه مفعول به {رَأَيْتَ الذين فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ} أي نفاق، وقيل: ضعف في الدين {يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ المغشى عَلَيْهِ مِنَ الموت} أي نظر المحتضر الذي لا يطرف بصره، والمراد تشخص أبصارهم جبنًا وهلعًا، وقيل: يفعلون ذلك من شدة العداوة له عليه الصلاة والسلام، وقيل: من خشية الفضيحة فإنهم إن تخلفوا عن القتال افتضحوا وبأن نفاقهم، وقال الزمخشري: كانوا يدعون الحرص على الجهاد ويتمنونه بألسنتهم ويقولون: لولا أنزلت سورة في معنى الجهاد فإذا أنزلت وأمروا فيها بما تمنوا وحرصوا عليه كاعوا وشق عليهم وسقط في أيديهم كقوله تعالى: {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتال إِذَا فِرْقٍ *مّنْهُمْ يَخْشَوْنَ الناس} [النساء: 77] والظاهر ما ذكرناه أولًا من أن القائلين هم الذين أخلصوا في ايمانهم وإنما عرا المنافقين ما عرا عند نزول أمر المؤمنين بالجهاد لدخولهم فيهم بحسب ظاهر حالهم، وقد جوز هو أيضًا أرادة الخلص من الذين آمنوا لكن كلامه ظاهر في ترجح ما ذكره أولًا عنده والظاهر أن في الكلام عليه إقامة الظاهر مقام المضمر، وجوز أن يكون المطلوب في قوله تعالى: {لَوْلاَ أُنزِلَتْ سُورَةٌ} إنزال سورة مطلقًا حيث كانوا يستأنسون بالوحي ويستوحشون إذا أبطأ، وروى نحوه عن ابن جريج. أخرج ابن المنذر عنه أنه قال في الآية: كان المؤمنون يشتاقون إلى كتاب الله تعالى وإلى بيان ما ينزل عليهم فيه فإذا نزلت السورة يذكر فيها القتال رأيت يا محمد المنافقين ينظرون إليك إلخ.
{فأولى لَهُمْ} تهديد ووعيد على ما روى عن غير واحد، وعن أبي علي أن {أُوْلِى} فيه علم لعين الويل مبني على زنة أفعل من لفظ الويل على القلب وأصله أويل وهو غير منصرف للعلمية والوزن، فالكلام مبتدأ وخبر.
واعترض بأن الويل غير متصرف فيه، ومثل يوم أيوم مع أنه غير منقاس لا يفرد عن الموصوف البتة، وإن القلب خلاف الأصل لا يرتكب إلا بدليل، وإن علم الجنس شيء خارج عن القياس مشكل التعقل خاصة فيما نحن فيه، ثم قيل: إن الاشتقاق الواضح من الولي عنى القرب كما في قوله:
تكلفني ليلى وقد شط وليها ** وعادت عواد بيننا وخطوب

يرشد إلى أنه للتفضيل في الأصل غلب في قرب الهلاك ودعاء السوء كأنه قيل: هلاكًا أولى لهم عنى أهلكهم الله تعالى هلاكًا أقرب لهم من كل شر وهلاك، وهذا كما غلب بعدًا وسحقًا في الهلاك، وهو على هذا منصوب على أنه صفة في الأصل لمصدر محذوف وقد أقيم مقامه والجار متعلق به. وفي الصحاح عن الأصمعي أولى له قاربه ما يهلكه أي نزل به وأنشد:
فعادى بين هاديتين منها ** وأولى أن يزيد على الثلاث

أي قارب أن يزيد، قال ثعلب: ولم يقل أحد في {أُوْلِى} أحسن مما قاله الأصمعي، وعلى هذا هو فعل مستتر فيه ضمير الهلاك بقرينة السياق، وقريب منه ما قيل: إنه فعل ماض وفاعله ضميره عز وجل واللام مزيدة أي أولاهم الله تعالى ما يكرهون أو غير مزيدة أي أدنى الله عز وجل الهلاك لهم، والظاهر زيادة اللام على ما سمعت عن الأصمعي، ومن فسره بقرب جوز الأمرين، وقيل: هو اسم فعل والمعنى وليهم شر بعد شر، وقيل: هو فعلى من آل عنى رجع لا أفعل من الولي فهو في الأصل دعاء عليهم بأن يرجع أمرهم إلى الهلاك، والمراد أهلكهم الله تعالى إلا أن التركيب مبتدأ وخبر، وقال الرضي: هو علم للوعيد من وليه الشر أي قربه، والتركيب مبتدأ وخبر أيضًا. واستدل بما حكى أبو زيد من قولهم: أولاة بتاء التأنيث على أنه ليس بأفعل تفضيل ولا أفعل فعلى وأنه علم وليس بفعل ثم قال: بل هو مثل أرمل وأرملة إذا سمي بهما ولذا لم ينصرف، وليس اسم فعل أيضًا بدليل أولاة في تأنيثه بالرفع يعني أنه معرب ولو كان اسم فعل كان مبنيًا مثله. وتعقب بأنه لا مكانع من كون أولاة لفظًا آخر عناه فلا يرد من ذلك على قائلي ما تقدم أصلًا، وجاء أول أفعل تفضيل وظرفًا كقبل وسمع فيه أولة كما نقله أبو حيان، وقيل: الأحسن كونه أفعل تفضيل عنى أحق وأحرى وهو خبر لمبتدأ محذوف يقدر في كل مقام بما يليق به والتقدير هاهنا العقاب أولى لهم، وروى ذلك عن قتادة ومال إلى هذا القول ابن عطية، وعلى جميع هذه الأقوال قوله تعالى:

.تفسير الآية رقم (21):

{طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21)}
{طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ} كلام مستقل محذوف منه أحد الجزأين أما الخبر وتقديره خير لهم أو أمثل، وهو قول مجاهد ومذهب سيبويه. والخليل، وأما المبتدأ وتقديره الأمر أو أمرنا طاعة أي الأمر المرضي لله تعالى طاعة، وقيل: أي أمرهم طاعة معروفة وقول معروف أي معلوم حال أنه خديعة، وقيل: هو حكاية قولهم قبل الأمر بالجهاد أي قالوا أمرنا طاعة ويشهد له قراءة أبي {يَقُولُونَ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ} وذهب بعض إلى أن {أُوْلِى} [محمد: 20] أفعل تفضيل مبتدأ و{لَهُمْ} صلته واللام عنى الباء {وطاعة} خبر كأنه قيل فأولى بهم من النظر إليك نظر المغشي عليه من الموت طاعة وقول معروف، وعليه لا يكون كلامًا مستقلًا ولا يوقف على {عَرَّفَهَا لَهُمْ} ومما لا ينبغي أن يلتفت إليه ما قيل: إن {طَاعَةٌ} صفة لسورة في قوله تعالى: {فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ} [محمد: 20] والمراد ذات طاعة أو مطاعة. وتعقبه أبو حيان بأنه ليس بشيء لحيلولة الفصل الكثير بين الصفة والموصوف {فَإِذَا عَزَمَ الامر} أي جد والجد أي الاجتهاد لأصحاب الأمر إلا أنه أسند إليه مجازًا كما في قوله تعالى: {إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الامور} [لقمان: 17] ومنه قول الشاعر:
قد جدت الحرب بكم فجدوا

والظاهر أن جواب {إِذَا} قوله تعالى: {فَلَوْ صَدَقُواْ الله} وهو العامل فيها ولا يضر اقترانه بالفاء ولا تمنع من عمل ما بعدها فيما قبلها في مثله كما صرحوا به، وهذا نحو إذا جاء الشتاء فلو جئتني لكسوتك، وقيل: الجواب محذوف تقديره فإذا عزم الأمر كرهوا أو نحو ذلك قاله قتادة. وفي البحر من حمل {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ} على أنهم يقولون ذلك خديعة قدر فإذا عزم الأمر ناقضوا وتعاصوا، ولعل من يجعل القول السابق للمؤمنين في ظاهر الحال وهم المنافقون جوز هذا التقدير أيضًا، وقدر بعضهم الجواب فاصدق وهو كما ترى، وأيًا ما كان فالمراد فلو صدقوا الله فيما زعموا من الحرص على الجهاد ولعلهم أظهروا الحرص عليه كالمؤمنين الصادقين، وقيل: في قولهم: {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ}، وقيل: في إيمانهم {لَكَانَ} أي الصدق {خَيْرًا لَّهُمْ} مما ارتكبوه وهذا مبني على ما في زعمهم من أن فيه خيرًا وإلا فهو في نفس الأمر لا خير فيه.

.تفسير الآية رقم (22):

{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)}
{فَهَلْ عَسَيْتُمْ} خطَاب لأولئك الذين في قلوبهم مرض بطريق الالتفات لتأكيد التوبيخ وتشديد التقريع، وهل للاستفهام والأصل فيه أن يدخل الخبر للسؤال عن مضمونه والإنشاء الموضوع له عسى ما دل عليه بالخبر أي فهل يتوقع منكم وينتظر {إِن تَوَلَّيْتُمْ} أمور الناس وتأمرتم عليهم فهو من الولاية والمفعول به محذوف وروى ذلك عن محمد بن كعب وأبي العالية والكلبي {أَن تُفْسِدُواْ فِي الأرض وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ} تناحرًا على الولاية وتكالبًا على جيفة الدنيا والمتوقع كل من يقف على حالهم إلا الله عز وجل إذ لا يصح من سبحانه ذلك والاستفهام أيضًا بالنسبة إلى غيره جل وعلا فالمعنى إنكم لما عهد منكم من الأحوال الدالة على الحرص على الدنيا حيث أمرتم بالجهاد الذي هو وسيلة إلى ثواب الله تعالى العظيم فكرهتموه وظهر عليكم ما ظهر أحقاء بأن يقول لكم كل من ذاقكم وعرف حالكم يا هؤلاء ما ترون هل يتوقع منكم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض إلخ.
وفسر بعضهم التولي بالإعراض عن الإسلام فالفعل لازم أي فهل عسيتم إن أعرضتم عن الإسلام أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من الإفساد في الأرض بالتغاور والتناهب وقطع الأرحام قاتلة بعض الأقارب بعضًا ووأد البنات، وتعقب بأن الواقع في حيز الشرط في مثل هذا المقام لابد أن تكون محذوريته باعتبار ما يتبعه من المفاسد لا باعتبار ذاته ولا ريب في أن الإعراض عن الإسلام رأس كل شر وفساد فحقه أن يجعل عمدة في التوبيخ لا وسيلة للتوبيخ بما دونه من المفاسد، ويؤيد الأول قراءة بعض {وَلَّيْتُم} مبنيًا للمفعول وكذا قراءته عليه الصلاة والسلام على ما ذكر في البحر وروريت عن علي كرم الله تعالى وجهه. ورويس. ويعقوب {تَوَلَّيْتُمْ} بالبناء للمفعول أيضًا بناء على أن المعنى تولاكم الناس واجتمعوا على مولاتكم، والمراد كنتم فيهم حكامًا، وقيل: المعنى تولاكم ولاة غشمة خرجتم معهم ومشيتم تحت لوائهم وأفسدتم بإفسادهم واستظهر أبو حيان تفسيره بالإعراض إلا أنه قال: المعنى إن أعرضتم عن امتثال أمر الله تعالى في القتال أن تفسدوا في الأرض بعدم معونة أهل الإسلام على أعدائهم وتقطعوا أرحامكم لأن من أرحامكم كثيرًا من المسلمين فإذا لم تعينوهم قطعتم ما بينكم وبينهم من الرحم.
وتعقب بأن حمل الإفساد على الإفساد بعدم المعونة فيه خفاء، وكذا الاتيان بأن عليه دون إذا من حيث أن الاعراض عن امتثال أمر الله تعالى في القتال كالمحقق من أولئك المنافقين فتأمل، و{أَن تُفْسِدُواْ} خبر عسى و{إِن تَوَلَّيْتُمْ} اعتراض، وجواب أن محذوف يدل عليه ما قبله، وزعم بعضهم أن الأظهر جعل {إِن تَوَلَّيْتُمْ} حالًا مقدرة، وفيه أن الشرط بدون الجواب لم يعهد وقوعه حالًا في غير أن الوصلية وهي لا تفارق الواو، والحاق الضمائر بعسى كما في سائر الأفعال المتصرفة لغة أهل الحجاز، وبنو تميم لا يلحقونها به ويلتزمون دخوله على أن والفعل فيقولون الزيدان عسى أن يقوما والزيدون عسى أن يقوموا، وذكر الإمام هاتين اللغتين ثم قال: وأما قول من قال: عسى أنت تقوم وعسى أنا أقوم فدون ما ذكرنا للتطويل الذي فيه فإن كان مقصوده حكاية لغة ثالثة هي انفصال الضمير فنحن لا نعلم أحدًا من نقله اللسان العربي ذكرها وإن كان غير ذلك فليس فيه كثير جدوى.
وقرأ نافع {عَسَيْتُمْ} بكسر السين المهملة، وهو غريب. وقرأ أبو عمرو في رواية. وسلام. ويعقوب. وأبان. وعصمة. {تقطعوا} بالتخفيف مضارع قطع، والحسن {تقطعوا} بفتح التاء والقاف وشد الطاء وأصله تتقطعوا بتاءين حذفت إحداهما ونصبوا {وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ} على إسقاط الحرف أي في أرحامكم لأن تقطع لازم.

.تفسير الآية رقم (23):

{أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23)}
{أولئك} إشارة إلى المخاطبين بطريق الالتفات إيذانًا بأن ذكر هناتهم أوجب إسقاطهم عن درجة الخطاب ولو على جهة التوبيخ وحكاية أقوالهم الفظيعة لغيرهم، وهو مبتدأ خبره قوله تعالى: {الذين عَبْدُ الله} أي أبعدهم من رحمته عز وجل: {فَأَصَمَّهُمْ} عن استماع الحق لتصامهم عنه لسوء اختيارهم {وأعمى أبصارهم} لتعاميهم عما يشاهدونه من الآيات المنصوبة في الأنفس والآفاق وجاء التركيب {فَأَصَمَّهُمْ} ولم يأت فأصم آذانهم كما جاء {وأعمى أبصارهم} أو وأعماهم كما جاء فأصمهم، قيل: لأن الأذن لو أصيبت بقطع أو قلع لسمع الكلام فلم يحتج إلى ذكر الأذن والبصر وهو العين لو أصيب لامتنع الأبصار فالعين لها مدخل في الرؤية والأذن لا مدخل لها في السمع انتهى وهو كما ترى.
وقال الخفاجي: لأنه إذا ذكر الصمم لم يبق حاجة إلى ذكر الآذان، وأما العمى فلشيوعه في البصر والبصيرة حتى قيل: إنه حقيقة فيهما وهو ظاهر ما في القاموس فإذا كان المراد أحدهما حسن تقييده.
وقيل في وجه ذلك بناء على كون العمى حقيقة فيما كان في البصر إن نحو أعمى الله أبصارهم بحسب الظاهر من باب أبصرته بعيني وهو يقال في مقام يحتاج إلى التأكيد، ولما كان أولئك الذين حكى حالهم في أمر الجهاد غير ظاهر إعماؤهم ظهور إصمامهم وكيف وفي الآيات السابقة ما يؤذن بعدم انتفاعهم بالمسموع من القرآن وهو من آثار إصمامهم وليس فيها ما يؤذن بعدم انتفاعهم بالآيات المرئية المنصوبة في الأنفس والآفاق الذي هو من آثار إعمائهم ناسب أن يسلك في كل من الجملتين ما سلك مع ما في سلوكه في الأخير من رعاية الفواصل وهو أدق مما قبل، هذا والأرحام جمع رحم بفتح الراء وكسر الحاء وهي على ما في القاموس القرابة أو أصلها وأسبابها، وقال الراغب: الرحم رحم المرأة أي بيت منبت ولدها ووعاؤه ومنه استعير الرحم للقرابة لكونهم خارجين من رحم واحدة، ويقال للأقارب ذوو رحم كما يقال لهم أرحام، وقد صرح ابن الأثير بأن ذا الرحم يقع على كل من يجمع بينك وبينه نسب ويطلق في الفرائض على الأقارب من جهة النساء؛ والمذكور في كتبها تفسيره بكل قريب ليس بذي سهم ولا عصبة وعدوا من ذلك أولاد الأخوات لأبوين أو لأب وعمات الآباء وظاهر كلام الأئمة في قوله عليه الصلاة والسلام من ملك ذا رحم محرم فهو حر دخول الأبوين والولد في ذي الرحم لغة حيث أجمعوا على أنهم يعتقون على من ملكهم لهذا الخبر وإن اختلفوا في عتق غيرهم، وصرح ابن حجر الهيثمي في «الزواجر» بأن الأولاد من الأرحام وظاهر عطف الأقربين على الوالدين في الآية يقتضي عدم دخولهما في الأقارب فلا يدخلون في الأرحام لأنهم كما قالوا الأقارب، وكلام فقهائنا نص في عدم دخول الوالدين والولد في ذلك حيث قالوا: إذا أوصى لأقاربه أو لذوي قرابته أو لأرحامهم فهي للأقرب فالأقرب من كل ذي رحم محرم ولا يدخل الوالدان والولد، وأما الجد وولد الولد فنقل أبو السعود عن العلامة قاسم عن البدائع أن الصحيح عدم دخولهما، واختاره في الاختيار وعلله بأن القريب من يتقرب إلى غيره بواسطة غيه وتكون الجزئية بينهما منعدمة، وفي «شرح الحموي» أن دخولهما هو الأصح.
وفي «متن المواهب» وادخل أي محمد الجد والحفدة وهو الظاهر عنهما، وذكر أن مثل الجد الجدة وقد يقال: إن عدم دخول الوالدين والولد في ذلك وكذا الجد والحفدة عند من يقول بعدم دخولهم ليس لأن اللفظ لا يصدق عليهم لغة بل لأنه لا يصدق عليهم عرفًا وهم اعتبروا العرف كما قال الطحطاوي في أكثر مسائل الوصية. وفي جامع الفصولين أن مطلق الكلام فيما بين الناس ينصرف إلى المتعارف، وما ذكره في المعراج من خبر من سمى والده قريبًا عقه لا يدل على أنه ليس قريبًا لغة بل هو بيان حكم شرعي مبناه أن في ذلك إيذاء للوالد وحطًا من قدره عرفًا، وهذا كما لو ناداه باسمه وكان يكره ذلك، وأمر العطف في الآية الكريمة سهل لجواز عطف العام على الخاص كعطف الخاص على العام، فالذي يترجح عندي أن الأرحام كما صرحوا به الأقارب بالقرابة الغير السببية والمراد بهم ما يقابل الأجانب ويدخل فيهم الأصول والفروع والحواشي من قبل الأب أو من قبل الأم وحرمة قطع كل لا شك فيها لأنه على ما قلنا رحم، والآية ظاهرة في حرمة قطع الرحم. وحكى القرطبي في تفسيره اتفاق الأمة على حرمة قطعها ووجوب صلتها، ولا ينبغي التوقف في كون القطع كبيرة، والعجب من الرافعي عليه الرحمة كيف توقف في قول صاحب الشامل: إنه من الكبائر، وكذا تقرير النووي قدس سره له على توقفه، واختلف في المراد بالقطيعة فقال أبو زرعة: ينبغي أن تختص بالإساءة، وقال غيره: هي ترك الإحسان ولو بدون إساءة لأن الأحاديث آمرة بالصلة ناهية عن القطيعة ولا واسطة بينهما، والصلة إيصال نوع من أنواع الإحسان كما فسرها بذلك غير واحد فالقطيعة ضدها فهي ترك الإحسان. ونظر فيه الهيثمي بناء على تفسير العقوق بأن يفعل مع أحد أبويه ما لو فعله مع أجنبي كان محرمًا صغيرة فينتقل بالنسبة إلى أحدهما كبيرة وإن الأبوين أعظم من بقية الأقارب ثم قال: فالذي يتجه ليوافق كلامهم وفرقهم بين العقوق وقطع الرحمن أن المراد بالأول أن يفعل مع أحد الأبوين ما يتأذى به فإن كان التأذي ليس بالهين عرفًا كان كبيرة وإن لم يكن محرمًا لو فعله مع الغير وبالثاني قطع ما ألف القريب منه من سابق الوصلة والإحسان بغير عذر شرعي لأن قطع ذلك يؤدي إلى إيحاش القلوب وتأذيها، فلو فرض أن قريبه لم يصل إليه إحسان ولا إساءة قط لم يفسق بذلك لأن الأبوين إذا فرض ذلك في حقهما من غير أن يفعل معهما ما يقتضي التأذي العظيم لغناهما مثلًا لم يكن كبيرة فأولى بقية الأقارب؛ ولو فرض أن الإنسان لم يقطع عن قريبه ما ألفه منه من الإحسان لكنه فعل معه محرمًا صغيرة أو قطب في وجهه أو لم يقم له في ملأ ولا عبأ به لم يكن ذلك فسقًا بخلافه مع أحد الأبوين لأن تأكد حقهما اقتضى أن يتميزا على بقية الأقارب بما لا يوجد نظيره فيهم وعلى ضبط الثاني بما ذكرته فلا فرق بين أن يكون الإحسان الذي ألفه منه قريبه مالًا أو مكاتبة أو مراسلة أو زيارة أو غير ذلك فقطع ذلك كله بعد فعله لغير عذر كبيرة، وينبغي أن يراد بالعذر في المال فقد ما كان يصله به أو تجدد احتياجه إليه أو أن يندبه الشارع إلى تقديم غير القريب عليه لكونه أحوج أو أصلح، فعدم الإحسان إلى القريب أو تقديم الأجنبي عليه لهذا العذر يرفع عنه وإن انقطع بسبب ذلك ما ألفه منه القريب لأنه إنما راعى أمر الشارع بتقديم الأجنبي عليه، وواضح أن القريب لو ألف منه قدرًا معينًا من المال يعطيه إياه كل سنة مثلًا فنقصه لا يفسق بذلك بخلاف ما لو قطعه من أصله لغير عذر، وأما عذر الزيارة فينبغي ضبطه بعذر الجمعة لجامع أن كلا فرض عين وتركه كبيرة؛ وأما عذر ترك المكاتبة والمراسلة فهو أن لا يجد من يثق به في أداء ما يرسله معه، والظاهر أنه إذا ترك الزيادة التي ألفت منه في وقت مخصوص لعذر لا يلزمه قضاؤها في غير ذلك الوقت، والأولاد والأعمام من الأرحام وكذا الخالة فيأتي فيهم وفيها ما تقرر من الفرق بين قطعهم وعقوق الوالدين، وأما قول الزركشي: صح في الحديث أن الخالة نزلة الأم وأن عم الرجل صنو أبيه وقضيتهما أنهما مثل الأب والأم حتى في العقوق فبعيد جدًا ويكفي مشابهتهما في أمر ما كالحضانة تثبت للخالة كما تثبت للأم وكذا المحرمية وكالإكرام في العم والمحرمية وغيرهما مما ذكر انتهى المراد منه، ولو قيل: إن الصغيرة تعد كبيرة لو فعلت مع القريب لكنها دون ما لو فعلت مع أحد الأبوين لم يبعد عندي لتفاوت قبح السيئات بحسب الإضافات بل لا يبعد على هذا أن يكون قبح قطع الرحم متفاوتًا باعتبار الشخص القاطع وباعتبار الشخص المقطوع ومتى سلم التفاوت فليقل به في العقوق ويكون عقوق الأم أقبح من عقوق الأب وكذا عقوق الولد الذي يعبأ به أقبح من عقوق الولد الذي لا يعبأ به ويتفرع من ذلك ما يتفرع مما لا يخفى على فقيه، واستدل بالآية عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه على منع بيع أم الولد.
روى الحاكم في المستدرك وصححه. وابن المنذر عن بريدة قال: كنت جالسًا عند عمر إذ سمع صائحًا فسأل فقيل: جارية من قريش تباع أمها فأرسل يدعو المهاجرين والأنصار فلم تمض ساعة حتى امتلأت الدار والحجرة فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فهل تعلمونه كان مما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم القطيعة قالوا: لا قال: فإنها قد أصبحت فيكم فاشية ثم قرأ {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي الأرض وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22] ثم قال: وأي قطيعة أقطع من أن تباع أم امرئ فيكم قالوا فاصنع ما بدا لك فكتب في الآفاق أن لا تباع أم حر فإنها قطيعة رحم وأنه لا يحل واستدل بها أيضًا على جواز لعن يزيد عليه من الله تعالى ما يستحق نقل البرزنجي في الإشاعة والهيثمي في الصواعق إن الإمام أحمد لما سأله ولده عبد الله عن لعن يزيد قال كيف لا يلعن من لعنه الله تعالى في كتابه فقال عبد الله قد قرأت كتاب الله عز وجل فلم أجل فيه لعن يزيد فقال الإمام إن الله تعالى يقول: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي الأرض وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ أَوْلَئِكَ الذين لَعَنَهُمُ الله} [محمد: 22] الآية وأي فساد وقطيعة أشد مما فعله يزيد انتهى.
وهو مبني على جواز لعن العاصي المعين من جماعة لعنوا بالوصف، وفي ذلك خلاف فالجمهور، على أنه لا يجوز لعن المعين فاسقًا كان أو ذميًا حيًا كان أو ميتًا ولم يعلم موته على الكفر لاحتمال أن يختم له أو يختم له أو ختم له بالإسلام بخلاف من علم موته على الكفر كأبي جهل.
وذهب شيخ الإسلام السراج البلقيني إلى جواز لعن العاصي المعين لحديث الصحيحين «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح» وفي رواية «إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح» واحتمال أن يكون لعن الملائكة عليهم السلام إياها ليس بالخصوص بل بالعموم بأن يقولوا: لعن الله من باتت مهاجرة فراش زوجها بعيد وإن بحث به معه ولده الجلال البلقيني.
وفي «الزواجر» لو استدل لذلك بخبر مسلم «أنه صلى الله عليه وسلم مر بحمار وسم في وجهه فقال: لعن الله من فعل هذا» لكان أظهر إذ الإشارة بهذا صريحة في لعن معين إلا أن يؤول بأن المراد الجنس وفيه ما فيه انتهى.
وعلى هذا القول لا توقف في لعن يزيد لكثرة أوصافه الخبيثة وارتكابه الكبائر في جميع أيام تكليفه ويكفي ما فعله أيام استيلائه بأهل المدينة ومكة فقد روى الطبراني بسند حسن «اللهم من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل» والطامة الكبرى ما فعله بأهل البيت ورضاه بقتل الحسين على جده وعليه الصلاة والسلام واستبشاره بذلك وإهانته لأهل بيته مما تواتر معناه وإن كانت تفاصيله آحادًا، وفي الحديث: «ستة لعنتهم وفي رواية لعنهم الله وكل نبي مجاب الدعوة المحرف لكتاب الله وفي رواية الزائد في كتاب الله والمكذب بقدر الله والمتسلط بالجبروت ليعز من أذل الله ويذل من أعز الله والمستحل من عترتي والتارك لسنتي» وقد جزم بكفره وصرح بلعنه جماعة من العلماء منهم الحافظ ناصر السنة ابن الجوزي وسبقه القاضي أبو يعلى، وقال العلامة التفتازاني: لا نتوقف في شأنه بل في إيمانه لعنة الله تعالى عليه وعلى أنصاره وأعوانه، وممن صرح بلعنه الجلال السيوطي عليه الرحمة وفي تاريخ ابن الوردي. وكتاب «الوافي بالوفيات» أن السبي لما ورد من العراق على يزيد خرج فلقي الأطفال والنساء من ذرية علي. والحسين رضي الله تعالى عنهما والرؤس على أطراف الرماح وقد أشرفوا على ثنية جيرون فلما رآهم نعب غراب فأنشأ يقول:
لما بدت تلك الحمول وأشرفت ** تلك الرؤس على شفا جيرون

نعب الغراب فقلت قل أو لا تقل ** فقد اقتضيت من الرسول ديوني

يعني أنه قتل بمن قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر كجدة عتبة وخاله ولد عتبة وغيرهما وهذا كفر صريح فإذا صح عنه فقد كفر به ومثله تمثله بقول عبد الله بن الزبعرى قبل إسلامه:
ليت أشياخي...........

الأبيات، وأفتى الغزالي عفا الله عنه بحرمة لعنه وتعقب السفاريني من الحنابلة نقل البرزنجي والهيثمي السابق عن أحمد رحمه الله تعالى فقال: المحفوظ عن الإمام أحمد خلاف ما نقلا، ففي الفروع ما نصه ومن أصحابنا من أخرج الحجاج عن الإسلام فيتوجه عليه يزيد ونحوه ونص أحمد خلاف ذلك وعليه الأصحاب، ولا يجوز التخصيص باللعنة خلافًا لأبي الحسين. وابن الجوزي. وغيرهما، وقال شيخ الإسلام: يعني والله تعالى أعلم ابن تيمية ظاهر كلام أحمد الكراهة، قلت: والمختار ما ذهب إليه ابن الجوزي. وأبو حسين القاضي. ومن وافقهما انتهى كلام السفاريني. وأبو بكر بن العربي المالكي عليه من الله تعالى ما يستحق أعظم الفرية فزعم أن الحسين قتل بسيف جده صلى الله عليه وسلم وله من الجهلة موافقون على ذلك.
{كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا} [الكهف: 5].
قال ابن الجوزي: عليه الرحمة في كتابه السر المصون من الاعتقادات العامة التي غلبت على جماعة منتسبين إلى السنة أن يقولوا: إن يزيد كان على الصواب وأن الحسين رضي الله تعالى عنه أخطأ في الخروج عليه ولو نظروا في السير لعلموا كيف عقدت له البيعة وألزم الناس بها ولقد فعل في ذلك كل قبيح ثم لو قدرنا صحة عقد البيعة فقد بدت منه بواد كلها توجب فسخ العقد ولا يميل إلى ذلك إلا كل جاهل عامي المذهب يظن أنه يغيظ بذلك الرافضة. هذا ويعلم من جميع ما ذكره اختلاف الناس في أمره فمنهم من يقول: هو مسلم عاص بما صدر منه مع العترة الطاهرة لكن لا يجوز لعنه، ومنهم من يقول: هو كذلك ويجوز لعنه مع الكراهة أو بدونها ومنهم من يقول: هو كافر ملعون، ومنهم من يقول: إنه لم يعص بذلك ولا يجوز لعنه وقائل هذا ينبغي أن ينظم في سلسلة أنصار يزيد وأنا أقول: الذي يغلب على ظني أن الخبيث لم يكن مصدقًا برسالة النبي صلى الله عليه وسلم وأن مجموع ما فعل مع أهل حرم الله تعالى وأهل حرم نبيه عليه الصلاة والسلام وعترته الطيبين الطاهرين في الحياة وبعد الممات وما صدر منه من المخازي ليس بأضعف دلالة على عدم تصديقه من إلقاء ورقة من المصحف الشريف في قذر؛ ولا أظن أن أمره كان خافيًا على أجلة المسلمين إذ ذاك ولكن كانوا مغلوبين مقهورين لم يسعهم إلا الصبر ليقضي الله أمرًا كان مفعولا، ولو سلم أن الخبيث كان مسلمًا فهو مسلم جمع من الكبائر ما لا يحيط به نطاق البيان، وأنا أذهب إلى جواز لعن مثله على التعيين ولو لم يتصور أن يكون له مثل من الفاسقين، والظاهر أنه لم يتب، واحتمال توبته أضعف من إيمانه، ويلحق به ابن زياد. وابن سعد. وجماعة فلعنة الله عز وجل عليهم أجمعين، وعلى أنصارهم وأعوانهم وشيعتهم ومن مال إليهم إلى يوم الدين ما دمعت عين على أبي عبد الله الحسين، ويعجبني قول شاعر العصر ذو الفضل الجلي عبد الباقي أفندي العمري الموصل وقد سئل عن لعن يزيد اللعين:
يزيد على لعني عريض جنابه ** فاغدو به طول المدى ألعن اللعنا

ومن كان يخشى القال والقيل من التصريح بلعن ذلك الضليل فليقل: لعن الله عز وجل من رضي بقتل الحسين ومن آذى عترة النبي صلى الله عليه وسلم بغير حق ومن غصبهم حقهم فإنه يكون لاعنًا له لدخوله تحت العمول دخولًا أوليًا في نفس الأمر، ولا يخالف أحد في جواز اللعن بهذه الألفاظ ونحوها سوى ابن العربي المار ذكره وموافقيه فإنهم على ظاهر ما نقل عنهم لا يجوزون لعن من رضي بقتل الحسين رضي الله تعالى عنه، وذلك لعمري هو الضلال البعيد الذي يكاد يزيد على ضلال يزيد.